شهدت سنة 1968 منعرج في حياة السياسة في تونس لاسيما في الجامعات التونسية التي كانت مسرحا لحراك طالبي سياسي معارض لنظام الرئيس بورقيبة وسياساته التي اتجهت نحو التفرد بسلطة والعمل على إزاحة المعارضين بكل الوسائل الممكنة هذا النظام ذو التوجه الليبرالي والمساند للحروب التي تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الدول التي تبنت السياسة اليسارية بمختلف مشاربها . هذه المعارضة اليسارية وإن كانت ترنو إلى تبني أفكار سياسية مختلفة عن تلك التي تبناها النظام الرسمي، فإن ما كان يزعجها هو سلوك هذا النظام ورئيسه الذي كان يرفض الانفتاح وتبني مبادئ الديمقراطية والاختلاف في الرأي على أساس أنه الأب الأوحد لتونس ومجاهدها الأكبر وباني الوطن مستغالً في ذلك المحاولة الانقلابية لسنة 1962 ليطلق العنان للسلطة التنفيذية والسلطة الحزبية الموالية له في ترسيخ النظام الواحد وبتالي انصهار الحزب الاشتراكي الدستوري في الدولة .
بالإضافة إلى معارضة السياسة المتفردة للنظام كانت الأطياف اليسارية تندد بالسياسة العمومية غير المجدية والتي لم تحدث تغير فالمجتمع كما حاول الحزب الحاكم حصر النشاط السياسي داخله وإقصاء باقي الألوان السياسية من النشاط الشيء الذي زاد في تحركات التيارات الفكرية المعارضة ومنه أنشطة حركة "برسبكتيف" في الجامعة التونسية وكان أول احتكاك مع السلطة في 1965 حينوقع اعتراض نشرية " برسبكتيف " في البريد التونسي وانطلقت عمليات القمع لحرية التعبير والتنظيم ، وفي 1967 واثر العدوان علىمصر وسورية خرجت احتجاجات وسط العاصمة مثلت فرصة للنظام للتخلص من معارضيه وشن حملة واسعة قام فيها باعتقال العديد منالمعارضين فواصلت "برسبكتيف" توزيع نشرياتيها وواصل النظام في سياسته القمعية حيث كان كل من يقع عليه القبض بصفة التآمرعلى أمن الدولة أو المتنظم غير المصرح به أو تكوين منظمة غير مرخص لها يمر بمقرات التعذيب من وزارة الداخلية إلى ضيعة نعسان أين كان يقع تعذيب سجناء الرأي وانتهاءا بسجن الرومي.
شمل المساجين عفو كان بنسبة لهم بمثابة مناورة من النظام نحو دفعهم نحو التخلي على النشاط السياسي بما أن النظام وضعهمتحت الإقامة الجبرية والمراقبة الإدارية دون حكم قضائي.
مع تأسيس منظمة "العامل التونسي " التي عرفت باسم جريدتها الناطقة باللهجة التونسية شن على إثرها النظام حملة اعتقالات شملت 1500 ناشط مرّو بمقرات التعذيب السابق ذكرها.
وشهدت فترة بين سنتي 1974 و-1977 محاكمة 346 ناشط سياسي ، حتى مع تغير رأس النظام وتولي بن علي الرئاسة حيث عرفتأول سنوات حكمه بعض الانفتاح السياسي إلٍا أن فترة بن علي تميزت بالسيطرة على القطاع الإعلام وتم اعتقال العديد من الصحفيينعلى اثر مقالات سياسية معارضة.