تمكّنت مبادرة “لا رجوع” من الحصول على عدد أعضاء الدوائر الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية المعنيين بالدورة الأخيرة من الحركة القضائية، حيث بلغنا من جمعيّة القضاة التونسيين أن 28 من أعضاء الدوائر (من ضمنهم رئيسي دائرة) تمت نقلتهم الى دوائر أخرى.
وشهدت الدوائر الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية ذات التركيبة الخماسية هذه السّنة، نقلة 3 أعضاء من أصل 5 ب 4 دوائر جنائية، ونقلة عضوين ب 5 دوائر، كما تمت نقلة 4 أعضاء بدائرة القيروان، مما سيعرقل امكانية توفّر النصاب في هذه الدوائر مثل الحركات القضائية السابقة (تمّت نقلة 29 قاضيا سنة 2020).
ويؤدي هذا التغيير الى تأجيل الجلسات على حالتها بصفة آليّة نظرا لعدم توفّر النصاب القانوني وفي انتظار تكوين القضاة الجدد في مجال العدالة الانتقالية ومكافحة الفساد، وهو الشرط الأساسي لمباشرة هذه الدوائر مهامّها، مما يساهم في إطالة المسار القضائي المتعثر منذ 3 سنوات دون أحكام صادرة عن هذه الدوائر، وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة ضمنها الحق في التقاضي في آجال معقولة، ومما يساهم في تكريس الإفلات من العقاب.
وللتذكير، ينص الفصل 8 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المتعلق بالعدالة الانتقالية على شرط تلقي أعضاء الدوائر الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية لتكوين ملائم للغرض فضلا عن شرط النزاهة وعدم المشاركة في محاكمات سياسية قبل الثورة، كما تنظر 13 دائرة جنائية مختصة في العدالة الانتقالية في 205 قضايا في مسار قضائي انطلق منذ 2018 دون أحكام الى حدّ هذه اللحظة، يتعلّق بتهم عديدة من بينها القتل العمد والتعذيب والاختفاء القسري والاعتداء الجنسي وقضايا فساد مالي وغيرها. ويتعثّر هذا المسار إثر كل حركة قضائية نظرا لغياب شرط التكوين علاوة على التعقيدات العديدة والتفاصيل اللامتناهية المتعلقة بكل ملف على حدى، مما يتطلّب استقرار قضاتها للالمام بكل حيثياتها.
وفي هذا السياق، فإن مبادرة لا رجوع،
– تدعو المجلس الأعلى للقضاء إلى التسريع بتعيين القضاة الجدد وتكوينهم، كما تدعوه للعمل على ضمان استقرار قضاة الدوائر المتخصصة وتمكينهم من نفس الامتيازات التي يتمتع بها زملاؤهم في الأقطاب القضائية الأخرى، وضمان تدريبهم وتكوينهم المستم، ومساعدة رؤساء المحاكم على وضع سياسات لإدارة المحاكم تأخذ بعين الاعتبار أولوية التعهد والبت في قضايا العدالة الانتقالية وفقا للقانون عدد 17 المؤرخ 12 جوان 2014.
– تطالب وزارة الداخلية بتنفيذ بطاقات الجلب الصادرة عن الدوائر الجنائية المتخصصة والتي بلغ عددها حسب معطيّاتنا 237 بطاقة غير منفّذة وفقا لمقتضيات الفصل 142 من مجلة الإجراءات الجزائية.
– تؤكد قناعتها الراسخة بأهمية الدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية كضمانة حقيقية لمسار العدالة الانتقالية و كآلية أساسية للكشف عن الحقيقة ومكافحة الإفلات من العقاب حتى يمثل المنسوب إليهم الانتهاكات أمام القضاء والمحاكمة.